روائع مختارة | روضة الدعاة | السيرة النبوية | قبس من نور.. النبوة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > السيرة النبوية > قبس من نور.. النبوة


  قبس من نور.. النبوة
     عدد مرات المشاهدة: 4084        عدد مرات الإرسال: 5

المسلم يؤمن بالأنبياء جميعًا ـ عليهم الصلاة والسلام ـ , ولا يفرق بين أحد منهم، إلا أنه يعتقد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاتمهم وأفضلهم.

قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}(البقرة: من الآية253)، وقال: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (الأحزاب:40).

فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ:

(إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل الناس يطوفون ويعجبون له ويقولون: هلاَّ وُضِعت هذه اللبنة؟، قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين) رواه البخاري.

فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ خاتم النبيين وأفضلهم، ولا يؤذن لأحد بدخول الجنة بعد بعثته إلا أن يكون من المؤمنين به، وبه تفتح الجنة ولا يدخلها أحد قبله. فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فخر) رواه أحمد.

ولذلك فمن أعظم ما يفتخر به المسلم إيمانه ومحبته لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

ومما زادني شرفًا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك يا عبادي وأن صيّرت أحمد لي نبيا

إنه الحبيب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث الكمال والسمو الخُلقي. فكل خلق محمود يليق بالإنسان فله- صلى الله عليه وسلم- منه القسط الأكبر، والحظ الأوفر، وكل وصف مذموم فهو أسلم الناس منه.

أوفر الناس عقلًا، وأسداهم رأيًا، وأجودهم نفسًا، أجود بالخير من الريح المرسلة، يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وكان يقول: (أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالا) رواه الطبراني.

أحسن الناس معاملة ولو مع الخدم، فعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: (خدمت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشر سنين، والله ما قال لي: أف قط، ولا لشيء فعلته: لم فعلت كذا؟، وهلا فعلت كذا؟) رواه البخاري.

ألين الناس وأسهلهم طبعًا، وما عُرِض عليه أمران إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما أو قطيعة رحم، وهو مع هذا أحزمهم عند الواجب وأشدهم مع الحق، لا يغضب لنفسه، فإذا انتُهِكت حرمات الله لم يقم لغضبه شيء.

أشجع الناس وأقواهم يخوض الحروب الشديدة، ويُنادي بأعلى صوته: (أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب) رواه البخاري، وهو من الشجاعة بالمنزلة التي تجعل أصحابه إذا اشتدت الحرب وحمي القتال يحتمون به ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

أعف الناس لسانًا، وأوضحهم بيانًا، وأعدلهم وأعظمهم إنصافا ـ ولو مع أعدائه وخصومه ـ، لا يحابي أحدًا لقرابته يقول- صلى الله عليه وسلم-: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) رواه البخاري.

أرحب الناس صدرًا، وأوسعهم حلمًا، يصبر على من آذاه، ويحلم على من جهل عليه، ولا يزيده جهل الجاهلين إلا أخذًا بالعفو.

ويبتسم في وجه محدثه ويقبل عليه، حتى يظن أنه أحب الناس إليه، ويبدأ من لقيه بالسلام ويصافحه، ولا ينزع يده قبله، بل ويسلم على الأطفال ويداعبهم، ويجيب دعوة الحر والعبد، ويعود المرضى ويتبع الجنائز.

أرحم الناس وخيرهم لأهله وأمته، ومع كثرة أعبائه ومسئولياته كان زوجا محبا، وأبا حانيا، فكان خير الناس لأهله، يصبر عليهم، ويغض الطرف عن أخطائهم، ويعينهم في أمور البيت، فيخصف نعله، ويخيط ثوبه ويقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) رواه الترمذي.

وكانت عبراته شاهدة على مدى رحمته بأهله وأولاده، تُوفي ابنه إبراهيم فبكى ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال: (إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون) رواه البخاري.

ويوم أرسلت إليه ابنته زينب ـ رضي الله ـ عنها ـ تخبره أن صبيًا لها يموت وتطلب منه أن يأتيها، جاءها ورفع له الصبي ففاضت عيناه بالدموع، فأثار بكاؤه تعجب أصحابه، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (هذه رحمة جعلها الله، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء) رواه البخاري.

ومن رحمته بأمته أن الله أعطاه دعوة مستجابة، فادخرها لأمته يوم القيامة شفاعة، فقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني أختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة.

فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا) رواه البخاري، ولذلك قال الله ـ تعالى ـ عنه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}(التوبة:128).

كان أكثر الناس تواضعا، وأخفضهم جناحا، وألينهم جانبا، وسيرته وحياته ـ صلى الله عليه وسلم ـ مليئة بالمواقف والعبر الدالة على ذلك، وما حفظ عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه تكبر على أحد.

وقد نال أعلى المنازل، وحظي عند ربه بأكبر المقامات، ـ فهو صاحب الحوض المورود، واللواء المعقود، والمقام المحمود، وأُسري به إلى السموات العلى حتى بلغ سدرة المنتهى، وبلغ مقاما لم يبلغه مخلوق قبله ولا بعده، وأنعم الله عليه بالمعجزات، وأيده بالآيات.

فما ذكر شيئا من ذلك على وجه الفخر أو المدح لنفسه، ولا تعالى به على أحد من الناس، بل كان التواضع صفته، وخفض الجناح سمته. فكان إذا أخبر عن منزلته تلك يقرن إخباره بها بنفي الفخر.

ويوم الفتح الأكبر حين دخل مكة منصورا مؤزرا، دخلها وقد طأطأ رأسه ـ تواضعا لله تعالى ـ، حتى إن رأسه ليمس رحله من شدة تواضعه لربه، فلم تأخذه النشوة والكبر عند انتصاره وظهوره.

وقف أمامه رجل، فأخذته رعدة، وهو يظنه كملك من ملوك الأرض، فقال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (هون عليك، فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد) رواه الحاكم.

ولو لم يكن له ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الفضل إلا أنه الواسطة في حمل هداية السماء إلى الأرض، وإيصال القرآن الكريم والدين العظيم إلى العالم والبشرية كلها، لكان فضلًا لا يُوفي الناس حامله بعض جزائه.

ذلك قبس من نور النبوة، وشعاع من مشكاة الرسالة، فما أحوجنا إلى أن نتعرف على كل صغيرة وكبيرة في حياة نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ، من مولده إلى وفاته.. فمن حقه علينا أن ندرس كل جوانب سيرته وحياته.

ونعلم أطفالنا وأهلينا: من هو رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ؟، وذلك للقيام بحقه علينا، من محبة وأدب، وتوقير ونصرة، واتباع واقتداء.

قال الله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}(الفتح: من الآية9)، وقال: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}(الأحزاب:21).

المصدر: موقع الشبكة الإسلامية